منصة سور الصين منصة سور الصين
جميع المواضيع

آخر الأخبار

جميع المواضيع
كتب الكترونية
جاري التحميل ...
كتب الكترونية

التراث المادي واللامادي للباحثة السورية سارة بحبوح



تعريف بالكاتبة:

سارة بحبوح (باحثة في التراث الشعبي )

إجازة في الآثار والمتاحف، وماستر تراث شعبي، 

ناشطة في مجال الندوات التراثية والفعاليات والجولات السياحية.

المسؤول الإعلامي لجمعية إحياء وحماية وتوثيق التراث الشعبي في الجمهورية العربية السورية

مسؤولة القسم الثقافي في صحيفة السفير السورية.


عنوان المقالة: التراث المادي واللامادي للباحثة السورية سارة بحبوح.


عبر ما يزيد على سبعة آلاف عام تركت لنا الحضارات التي تعاقبت في سورية إرثا ثقافيتا غنيا جدا في كافة المجالات، حيث كانت مدن سورية القديمة مراكز للحضارة، و مما يذكر أن الثقافة أساس يحدد مكانة المجتمع، والحضارات السورية أغنت التاريخ بإرث ثقافي وحضاري كبير. 


كانت العديد من مدن سورية القديمة منارات للأدب والثقافة ومنطلقا للحضارة في إبال، ومملكة ماري، وأوغاريت، وتدمر وشهبا وبصرى، ومعلوال وصيدنايا وسرجيال والبارة، فكات مركزا دينيا وثقافيا في التاريخ. 


كانت دمشق مركز ومنارة للعلم والثقافة في عصور مختلفة، وفي العصر الأموي كانت دمشق عاصمة لأكبر دولة أموية إسلامية في التاريخ، ومنطلقا للأدب والشعر والعلم والعلماء والثقافة. 


تغير الكثير من الأشياء في حياتنا خلال القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرون وهو امر طبيعي؛ ولكن نظرة فاحصة لعدد من المفاهيم قد تدفعنا للنظر في مكونات بعض التطورات الحاصلة فيما يخص التراث،  ومفهوم التراث فهو أحد المفاهيم التي يجب تدقيقها وتمحيصها قبل و بعد وأثناء أي تطور يحصل في حياتنا.


ففي غمرة الفرح بدخول الكهرباء إلى بيوتنا في القرن الماضي فقدنا الكثير من تقاليد الانارة التي تعتمد على المصابيح سواء في البيوت أو في الشوارع، وهي تقاليد كان يصاحبها عدد لا بأس به من الحِرف وبعضها اندثر للأسف، كما أدى دخول الذاعة والأنترنت إلى فقدان لذة اللستماع إلى الحكاية التي نسجها أجدادنا عبر قرون ماضية وقدموها بأشكال مختلفة من خلال الحكواتي وصندوق العجائب وقصص الجدات.


أدت العولمة الثقافية إلى فقداننا لأنماط لباسنا التقليدي الذي ينتمي إلى كل منطقة من مناطق بلدنا الثرية، فتنوعت  تفاصيل الأزياء وألوانها وتطريزاتها، كما تغيرت مكونات مطبخنا فأصبحنا نميل إلى ما كل هو جاهز. وتأثرت أغانينا ومقاماتنا سلبا حين انتشرت موجة الأغاني المعاصرة التي لا تنتمي إلى فضائنا الموسيقي الشرقي، ويسري أيضا على الأنماط المعمارية التقليدية التي تغيرت فأصبحت علب كبريت إسمنتية، وتشوه الأسلوب المعماري في بلدنا.


من الجيد أن نواكب الاهتمام العالمي للتراث عن طريق المنظمات غير الحكومية، وعلى رأسها اليونسكو ونملأ سجل تراثنا بعناصر تنتمي إلينا، عناصر حية في وجداننا، و من ثم نتعاون مع المؤسسات الدولية التراثية بغية عرض عناصرنا التراثية الوطنية ودعمها، فنحن مع التطور و أيضا مع ترسيخ الهوية الخاصة بنا في مواجهة التحديات التي تحاول أن تعبث بها و تجعلنا أتباعا على حساب المستوى الثقافي و الاجتماعي الذي ورثناه من عصور قديمة وأصبح هوية تراثية ثقافية تخصنا جميعا. 


فالتراث هو كل ما تركه لنا الأوائل وورثناه من الماضي والحاضر، من التراث الملموس، والتراث الشفهي الشعبي المتناقل من جيل إلى آخر، والتراث له وجهين مادي ومعنوي أي اللامادي،  فالتراث السوري له أهمية كبيرة بين التراث العالمي لذلكلا بد من الحفاظ عليه بشقيه المادي واللامادي  و هذا لأهمية التراث الثقافي السوري ودوره في بناء الهوية والانتماء، نشير إلى ان أهم مكونات الهوية الثقافية لأي مجتمع كان هي العادات والتقاليد والتاريخ والتربية والدين، وطرق التفكير السائد في المجتمع، وهذه العوامل تعتبر جزء لا يتجزأ من التراث اللامادي المؤثر بشكل قوي في بنية وانتماء الشعوب،  وبما أننا من الشعوب التي صدُرت الكثير من الحضارات فلا بد أن يكون تراثنا بشقيه غنيا جدا ومتنوعا، لذلك نقول من المستحيل أن تنشأ أي حضارة دون تراث، فالتراث يشبه الشجرة كلما امتدت جذورها في الأرض كلما ازدادت قوة، فنحن كذلك كلما استفدنا من تراثنا، كلما ازددنا قوة. 


أهمية التراث:


لو تطرقنا إلى أهمية التراث سنجد أنه 


1-يساهم في تعزيز الاقتصاد وإنعاشه، كما يساعد على زيادة معدلات التنمية في البلاد، بزيادة التداول بالنقد الأجنبي وزيادة الخبرات التدريبية. 


2-يعتبر التراث رمزا للهوية الانسانية للشعوب المختلفة وخاصة الجماعات القليلة التي تعتبر التراث رمزا للمعرفة والقدرات التي توصلت إليها.


3-يساهم في تعزيز الروابط بين الماضي والحاضر والمستقبل كما أنه يساعد على استمرارية المجتمعات.


4-يحتل مكانة مهمة لما له من رابط عجيب في زيادة التماسك الاجتماعي والمساعدة في تعزيز السلام.


 


أنواع التراث:


1 -المادي: و يتمثل بما تركه لنا الأجداد من آثار ظلت باقية )، قلاع، حصون، معابد، مساجد، أسوار ويمكن أن نضعه ضمن جداول:


1-1-ارث تاريخي : مثل قلعة صالح الدين وقلعة الحصن وقلعة حلب.


أرث ثقافي: مثل البقايا الأثرية التي تدلنا على تطور في أحد نواحي حياة الأقدمين أو البقايا التي تمثل فن الكتابة، والرقم و  الموسيقى. 


1-2-أرث اجتماعي : كالمنتجات الثقافية ومظاهر الحياة كالادوات التي كان يستخدمها الاجداد في حياتهم.

1-3-ارث طبيعي وبيئي : كالمواقع الطبيعية مثل مغارة الضوايات وجزيرة أرواد أو المحميات الطبيعية.


لذلك نقول أن هذا التراث المادي المتنوع لأي دولة في العالم يساهم في صنع رابط قوي بين البشر والأرض، و الآن حفظ التراث مرتبط بحماية الأرض، فالدفاع عن الأرض ليس فقط ضد منع الاستعمار، بل لضمان استمرار نقل الحضارة التي خلفها لنا الاجداد وحفظها وصونها.


2 -التراث اللامادي أو الشفهي أو التراث الشعبي:


عقدت الأمم المتحدة عام 2003 اتفاقية صون التراث اللامادي للشعوب وكانت سورية من الدول الموقعة، يعتبر التراث اللامادي هو الممارسات والتصورات وأشكال التعبير، والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية.


ويتجلى التراث الثقافي اللامادي في المجالات الآتية:


أ- التقاليد المختلفة وضروب التعبير الشفهي بما في ذلك اللغة كوسيلة للتعبير، والحكواتية التي تمثل شكلا تفاعليا لسرد الروايات في المقاهي، وممارسة الزجل، والمناظرات الشعرية الشفهية، وإلقاء القصيد والشعر الشفهي وصندوق الدنيا، وجميعها تؤدى باللهجة العامية.

ب- فنون وأداء العروض وتقاليدها مثل الموسيقى الكلاسيكية والشعبية التقليدية)، القدود و الردة، والرقص، كرقصة السماح وشتى أنواع الدبكات المحلية، وعروض الأداء (عروض مسرح أكريكوز ورقصة السيف والترس).


ج- الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات مثل الاعياد الاسلامية الرئيسية، كالعيد الكبير، والعيد الصغير، والمولد النبوي، ورأس السنة الهجرية، والأعياد المسيحية الرئيسية، عيد الفصح، وعيد الميلاد، وهناك الاحتفالات الاخرى، مثل عيد النيروز، وعيد الخضر، واحتفالات البوزة التي تعلن بداية موسم الحصاد، والتقاليد البدوية، وغيرها من التقاليد المحلية، مثل السامر الذي هو احتفال بدوي راقص، والمصنعة وهي ممارسة بدوية في منطقة الجولان. 


د- المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون بما في ذلك الممارسات الزراعية التقليدية، كأساليب تقسيم مياه الانهارلاغراض الري، وممارسة القابلات وأشكال العالج والادوية التقليدية التي يوفرها العطارون، والمعارف المتعلقة بكسوف الشمس وخسوف القمر. 


ه- المهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية مثل: مهنة النحاسين، وصناعة التطعيم بالصدف، والنقوش الخشبية، والتطريز، وصناعة البسط، والنسيج وبناء المساكن من اللبِن ومن الحجر، وصناعة المحاريث الحديدية، وغير ذلك من الادوات الزراعية، والانتاج التقليدي لصناعة القش، وصناعة المقالي والفخاريات وإنتاج الأقمشة المقصبة والمطرزة، وصناعة صابون الغار، والزبديات ذات الزخارف المطروقة، وألوان الأطعمة، و زيت الزيتون، و إنتاج التبغ،وتقطير العنب وتطعيم المصنوعات الخشبية بالصدف وصناعة الفحم الخشبي.


ولئن كانت مجاللت التراث الثقافي غير المادي هذه تجد تعابيرها في مختلف أنحاء سورية فإن هناك فروقا إقليمية بينها ترتبط بالعناصر ذاتها وبمدى قدرتها على البقاء، فثمة جزء كبير من التراث الثقافي غير المادي في سورية مهدد بالخطر من جراء الضغوط الناجمة عن عمليات التوسع الحضري والتحديث، فمثال في دير الزور تعرضت المدينة لموجات متعاقبة من الوافدين الجدد الذين قدموا إليها من المناطق الريفية المحيطة بها نتيجة حابة الجفاف الشديد الذي حدث أواخر الخمسينات والتسعينات من القرن العشرين، مما أدى إلى انقطاعهم عن ممارسة الكثير من التقاليد الزراعية. وفي حمص باتت صناعة الفخاريات ومهنة النحاسين من الصناعات والمهن الحرفية القليلة التي لا تزال حية وقادرة على البقاء.


إن معركة الدفاع عن التراث الشعبي مهمة جدا وتعني كل سوري وسورية على مختلف المستويات وهي جزء لا يتجزأ من معركة الدفاع عن الوطن، فلا بد من تعاون الجميع فيها وخاصة بعد اندحار المشروع الارهابي الذي كان يخطط لتغير هوية الوطن.


دعونا نتكلم عن التراث الثقافي والطبيعي، فالتراث الثقافي يشمل:


المعالم الأرية: مثل أعمال النحت والرسم والهياكل الاثرية وماتحويه من نقوش ورسوم.


المواقع : مثل المواقع الأرية التي بناها الانسان.


المباني : مثل المباني الذي بناها الانسان وحملت طابعا ثقافيا.


التراث الطبيعي يشمل أيضا:


معالم فيزيائية وبيولوجية : تتمتع بقيمة جمالية عالية  


معالم جيولوجية وفسيوغرافية : مثل المناطق التي تشكل موطن العديد من الحيوانات.


مناطق طبيعية : تشتمل على الناحية الجمالية والطبيعية.


 تعد المدن السورية من أقدم مدن العالم وتضم مواقع التراث العالمي مواقع سورية و هي:


1 -مدينة دمشق القديمة التي سجلت عام 1979م.


2 -موقع بصرى القديمة التي سجلت عام 1980م.


3 -موقع تدمر الذي سجل عام 1980م.


4 -مدينة حلب القديمة 1986م.


5 -موقع قلعة الحصن وقلعة صالح الدين الذي سجل عام 2006م.


6 -موقع المدن المنسية شمال سوريا في عام 2011م.


دعونا نتذكر كيف أثرت الازمة على بلدنا الحبيب على نوعي التراث.


بالنسبة للتراث المادي:


- تحولت بعض المواقع التراثية إلى مواقع عسكرية أو متاريس ومخازن أسلحة.


- عمليات التنقيب غير المشروع من لصوص الآثار أفرادا و جماعات غير منظمة.


- عمليات السرقة والنهب التي كانت وتفاقمت بسبب الفوضى السائدة.


- عمليات التزييف والتزوير المتزايدة وخاصة للتماثيل والفسيفساء.


- التخريب والتدمير الممنهج للآثار على خلفية عقائدية. 


بالنسبة للتراث اللامادي:


تم تشكيل لجنة وطنية عليا لادارة التراث الثقافي غير المادي وإصدار قرار بإحداث السجل الوطني الذي يتضمن ما يقارب المئة عنصر حتى الآن ويمكن للمجتمعات المحلية المشاركة في هذا الموقع لتسجيل وصون التراث الثقافي إضافة إلى الممارسات والتقاليد المتناقلة بين الناس.


ويجب أن ننتبه إلى أن المخزون الثقافي التقليدي هو من التراث الثقافي اللامادي يتعذر صونه بعيدا عن حملته الحقيقين من الجماعات والأفراد، لذلك لا يمكن أن نتمثله خارج إطار الحياة نفسها، وبالتالي فان حمايته وتثمينه لا يتحققان بمجرد أرشفته وتوثيقه وتحويله إلى عروض متحفية، و إنما عبر استخدامه اليومي في كل مناحي الحياة باعتباره متنوعا وغنيا.


 حماية التراث:


1 -تعزيز جهود المستوى الوطني لحماية التراث ولكن هذه الطريقة لا تكفي وحدها وذلك بسبب حجم الموارد التي تتطلبها حيث إن بعض البلدان تعاني من محدودية الموارد الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية. 


2 -مشاركة جميع أفراد المجتمع الدولي في حماية التراث وذلك عنى طريق منح مساعدات ومعونات دولية سواء كانت مالية أو فنية أو علمية أو تقنية لحماية التراث والحفاظ عليه. 


3 -إقامة كليات ومعاهد خاصة لتعليم كيفية العناية وإظهار التراث اللامادي.


4 -الاستفادة من المتاحف العامة بكتابة المنشورات التي توضح مظهر من مظاهر التراث الشفهي والتعريف به. 


5 -عرض برامج تلفزيونية في مظاهر التراث الشفهي.


6 -إضافة فصول إلى المناهج لتعريف طلانا بهذا التراث وتأصيله في عقولهم وقلبهم ليزداد ارتباطهم بأرضهم.


 دور الجمعيات:

في الواقع يجب أن يكون اتحاد الحرفيين وبالتعاون مع مؤسسات الدولة الدور الأكبر في الحفاظ على هذا التراث عن طريق التشجيع والاهتمام ببعض الحرف وخاصة المتوراثة عائليا، وأننا نهيب وندعو إلى توثيق التراث السوري الذي يشمل القيم والافكار، والعادات والتقاليد والحكايات الشعبية بما فيها الادب الشعبي والحرف والقيم التراثية، وتوثيق التراث المادي الذي يشتمل على الآثار الثابتة والمنقولة و المخطوطات لأن حماية التراث هي قضية استراتيجية بالنسبة لسورية.

يمكنك عزيزي الزائر وضع تعليقاتك واقتراحاتك معنا فتفضل مشكورا على المتابعة

التعليقات



إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

منصة سور الصين

2021