يعد الخبز أحد العناصر الأساسية في غذاء معظم شعوب العالم منذ عصور ما قبل التاريخ، ولولا الخبز المعتمد على القمح والحبوب عموما والقدرة على زراعته واستغلاله وتخزينه من فصل إلى آخر، لما تمكن البشر من الاستقرار والاستيطان والتحضر في الزمن القديم.
وقد اختلفت مادة صنعه تبعا للبيئة الجغرافية والمناخ السائد في كل منطقة، فصنع من الشعير في الرافدين ومن القمح والشعير والشوفان في مصر وبلاد الشام، ومن الذرة في أمريكا ومن الأرز في شرق آسيا.
شهدت منطقة الهلال الخصيب أولى محاولات تدجين الحبوب ولا سيما القمح في موقع مريبط والجرف الأحمر، وتل أسود وأريحا، وكان ذلك في العصر الحديث قبل عشرة آلاف سنة من الآن. وكان القمح في بلاد ال الرافدين محصولا غير ناجح نظرا لملوحة التربة، فقد كان الشعير البديل الأساسي لصناعة الخبز الذي كان في بدايته من النوع الخشن والمسطح و غير المخمر.
يحتاج الخبز لكي ينضج ويصبح مذاقه مستساغا ورقيقا وبنوعية جيدة حدوث التخمير الذي يكسب العجين الليونة التي تسهل عملية إنتاجه، ولم يكن التخمير معروفا غلى نطاق واسع في تلك العصور، قبل أن يتوصل الناس لاستخدام مصادر متعددة للتخمير، منها الاحتفاظ بقطعة صغيرة من العجينة السابق لإضافته إلى العجين اللاحق لأن جراثيم الخميرة تنشأ في كل مكان بما في ذلك سطح العجين، كما ااستُخدم الحليب واللبن الرائب.
مرت عصور قبل أن يعرف الإنسان الطواحين التي تعمل على طاقة الماء والرياح، فقد كانت تُطحن الحبوب بهرسها بحجارة متعددة الأشكال ينتج عنها خبز خشن ورديء، ولكن استطاع سكان المشرق العربي القديم باستعمال طاحونة الجرش المؤلفة من رحوين من الحجارة دائرية الشكل توضع البذور من فتحة من الأعلى، مما أدى إلى إنتاج طحين أكثر نعومة وخبزا أكثر جودة، وقد وُجدت أنواع مختلفة من حجارة طحن الحبوب على أرضيات و مصاطب البيوت في جميع المواقع الأثرية في المشرق العربي.
لو تطرقنا لتاريخ الخبز بشكل واسع سنجد أنه جاء ذكر الخبز في ملحمة جلجامش على لسان أنكيدو الذي كان أول شيء تعلم أكله بعدما تخلى عن رضع الحليب، وذكر مرارا في النصوص القديمة إذ كان يستخدم في الاحتفالات الدينية التي تجري في المعابد وقُدم للآلهة، كما كانت تقدمه الأمهات لأولادهن الذاهبين للمدرسة وهذا ما سطره المصريون الأوائل في ألواحهم وجدارياتهم، كما رافق الأموات إلى قبورهم زادا لهم في حياة ما بعد الموت، وقد عثر عليه في كثير من المدافن، وما يدل على أهميته في بلاد الرافدين أن الرمز الذي يشير إلى الأكل في اللغة السومرية يتكون من شكل رأس إنسان وفمه، وأمامه الخبز، وفي الأكادية تدل كلمة(( أكادو )) إلى الخبز وهي تشير إلى فعل الأكل، وقد صنع الخبز بأشكال مختلفة إلا أن الشكل الأكثر شيوعا عند السومرين كان ذو الشكل المسطح، ثم ظهرت نواع أخرى صنعت من طحين أفضل.
يعكس تبجيل سكان المشرق العربي القديم للإله (دجن) المرتبط بالقمح والغلال، وتقديرهم الشديد للحبوب والقمح، الذي يصنع منه الخبز وهو أساس الحياة، و قد بنوا لهذا الإله كثيرا من المعابد في إبلا و ماري وإيمار وأوغاريت، والعديد من المواقع السورية.
على الرغم من انتشار القمح في سورية خلال الألف الثالث قبل الميلاد إلا أن الوثائق تثبت أن سكان إيبلا استخدموا خبز الشعير؛ ولكن النصوص تثبت إلى استخدام خبز القمح، وقد عُثر في إيبلا على أدوات كانت تستخدم في عمليات طحن القمح إذ وُجد في أحد الغرف في القصر الملكي المخصصة لتخزين الحبوب بعد طحنها ست عشرة بلاطة مع مدقاتها من الحجر البازلتي، تبعد عن بعضها مسافات متساوية موزعة على مصطبة من اللبن، كما عُثر على فرن متنقل من الفخار، أما أفران السكان العاديين كانت فقد تقام الأفران في الباحات.
أما في ماري فقد عُثر على العديد من الأفران وقوالب الخبز الفخارية دائرية الشكل والتي تحمل زخارف على شكل حلقات دائرية أو حلزونية، وكانت مخصصة لإنتاج الخبز والحلويات، وتُورِد نصوص ماري أربعة أنواع للخبز، أكثرها انتشارا كان من النوع غير المخمر المصنوع من دقيق الشعير على شكل ألواح طرية مسطحة، وهناك نوع آخر استخدمت فيه الخميرة وسمي( خبز آلهة ماري المخمر).
في أوغاريت يَرِدُ ذِكرُ الخبز مرارا ولا سيما في النصوص التي تتضمن قوائم بالمواد المقدمة للآلهة.
وفي إيمار كان الخبز أهم المواد التي قدمت في مختلف الاحتفالات ومنها احتفال تنصيب كاهنة معبد بعل، وكاهنة معبد عشتار، وجرت العادة في هذا الاحتفال على إدخال أربع قطع من خبز النذور لوضعه أمام الآلهة ثلاث منها من الخبز المجفف، و واحدة من المجفف المعجون بالفواكه، و في احتفالات خاصة بالآلهة كان يتم وضع سبعين رغيفا من الخبز وسبعون قطعة من اللحم، وأربع جرار ممتلئة بالجُعة، بعدها يتقاسم المرتلون الذين قاموا بإحياء الطقس كل ما في الجرار و يشربون ويطوفون بالمعبد.
ترد في الحوليات الآشورية التي يعود تاريخها إلى النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد قوائم مملوءة بأسماء المواد التي كانت تصادر أو كان يفترض تقديمها على السكان في جميع المناطق السورية ومن بينها الخبز الذي صنعه الآراميون من طحين الشعير ومن القمح وربما من الذرة أيضا، وبنوا التنانير لخبزه في بيوتهم في حين اقتصر وجود الأفران العامة على القصور الكبرى والمعابد، وعُرفت خلال هذه المدة طريقة الخبز على الصاج ووجدت أيضا القوالب الفخارية المخصصة لصنع المعجنات والتي تم الكشف عنها في كثير من المواقع الأثرية ومنها قطنا، وكان تحضير الخبز في المنازل الآرامية منوطا بالنساء.
ونظرا لشغف الآراميين برغيف الخبز وما يمثله من قيمة فقد صكوا عددا من النقود الفضية بحجم يشبه رغيف الخبز شكلا ومضمونا، وكان الهدف من ذلك هو استعمالها كوحدة للتبادل التجاري.
استخدم الحثيون كثيرا من أنواع الخبز في احتفالاتهم العشائرية وكان الخبز بأحجام وأوزان وأشكال مختلفة، ودخلت في صناعته كثير من المواد الأخرى حسب الغرض من كل احتفال.
وقد توجب على الخبازين الذين يصنعون الخبز المقدم للآلهة أن يكونو خالين من القمل وحالقي الذقون ومقلمي الأظافر ونظيفي البدن و الثياب النظيفة، ويجب أن يقوموا بتنظيف المطبخ جيدا وكنسه و رشه بالماء قبل البدء بالعمل.
أما عند المصريين كان الخبز الأكثر حضورا في كل الوجبات وكان عنصرا مهما في الطقوس الدينية حيث كان للخبز أشكال مختلفة ودخلت العديد من المواد في صناعته وكثيرا ما كان يُخلط مع ثِمار التين.
أما بالنسبة للأغريق فنقلوا طريقة صناعته من المشرق العربي بين عامي(٧٠٠ و ١٣٠٠ ق.م) وعن طريق اليونان عرفه الرومان وعرفته أوروبا ، وكانت المدن اليونانية تتنافس في إنتاج أجود أنواع الخبز.
أما عند الرومان فقد كان جزأ لا يتجزا من الأمن الغذائي والصحي، ودار جدل حول الخبز الأبيض والخبز الأسمر وأيهما أفضل للصحة والجسم، وعرف الرومان كثيرا من أنواع الخبز منها الخبز المصنوع من المحار والبيض والزبدة والحليب، والجبن والخبز المحمص، الذي كان حكرا على الأثرياء، وكان الخبازون محترمون جدا لدرجة أن العبيد منهم كانوا يُعدون من طبقة الأحرار، وحظر عليهم ممارسة مهنة أخرى والاختلاط بالناس العاديين وحضور الاحتفالات الشعبية كي لا تنتقل إليهم الأمراض المعدية.
ولو انتقلنا إلى أنواع الخبز في سوريا فهناك عدة أنواع وهي :
1-خبز تنّور:
في سوريا ليس له اسم آخر، وهو واحد من أقدم أنواع الخبز في سوريا والعراق واليمن، ومذكور في أناشيد الصلاة لعشتار، ومصدر تسمية تنّور عن كلمة “تِنّورُ” 𒋾𒂟 الأكّديّة التي تعني فرن الطين. وهي مزاج كلمتين؛ حيث تعني كلمة “تِن” في الأكّدية طين. وتعني كلمة “نورُ” النور والضياء. فكان الاسم الأصلي في الأكّدية طين النور (تِن+نور)(~لغتنامهٔ دهخدا). وبهذا يتجاوز عمر هذه الكلمة 4500 سنة.
واعتقد الناس قديماً أنّ حرارة الجمر في التنّور هي نار عشتار التي تقوم بشيّ أرغفة من جسد ابنها “ذو الشرى” (“شَرَه” 𒀭𒁈) لإطعام الناس. لذا فهو خبز عربيّ بامتياز.
ولشكر عشتار اعتادت العرب وفي بداية كلّ وجبة على أكل لقيمات من جسد ذو الشرى مع رشفات من النبيذ الأحمر؛ دم ذو الشرى، ثمّ تشكر ثمّ تبدأ الأكل. ولهذا السبب يشتهر خبز التنّور باسم خبز الشراك، أحد أسماء ابن عشتار شَرَه.
ولخبز التنّور تنّور خاص يُصنع من طين التراب الأحمر المخلوط بالتبن، واعتادت أغلب نساء العرب قديماً على بناء تنّور جديد كلّ يوم، إذ كان يتهدّم التنّور فور انطفاء الجمر فيه وانخفاض حرارته. ويعرف السوريّون كذلك تصاميماً أكثر صموداً من التنانير، تدوم حتّى سنة كاملة. وتُصنع من خلطة حجر “دبّ الملح” المدقوق أو “حجر دعبول الجبل”، أو الحجر الأسود المفتّت، وهذه تُخلط مع التربة القرميدية والملح الصخري، وتُخلط وتعجن ويطين بها التنّور، ويسقّى بماء الملح بعد أوّل إشعال. ومبدأ التنّور تصميم أموريّ (آرامي) في الأساس يعود إلى أكثر من 4000 سنة. وطالما كان قدامى العرب جميعاً على ديانة أنثوية فقد شبّهو ا التنّور بفرج المرأة، فصار الخَبز في التنّور من المهام المحصورة بالنساء والممنوعة عن الرجال.
يُصنع خبز التنّور من طحين القمح الكامل، المعجون بالماء مع الملح. وقد يعجن من خليط طحين عدّة حبوب إضافة للقمح، كالشعير والشوفان والذرة البيضاء والعدس، وغيرها. ثمّ يُخمّر بمساعدة بادئة التخمير (خميرة) لمدّة 12 إلى 24 ساعة. وتُرقّ (تبشكر) أقراص العجين قبل الشوي. العادة الشائعة أن يعجن في الليل قبل النوم ثمّ يُرق ويُخبز في الصباح. يُشوى لمدّة أقل من دقيقة على حرارة 450 درجة مئوية. ويُخبز التنّور التقليدي على وقود من حطب الخشب الجاف مع كميّات كبيرة من القنّب.
2-خبز صاج:
في سوريا اسمه الصاج أو الشراك أو المرقوق أو الرگاگ. وتسمية شراك تحويل عن اسم “شَرَه” 𒀭𒁈 ابن عشتار الذي سمّته بعض العرب باسم سراگ وشراگ. أمّا تسمية صاج عن اللّغة التركمانية ومعناها “رقيق”. وهو في الأصل خبز العساكر، وكان يُخبز قديماً على درع الجندي المحمّى على النار، وهو مصدر شكل الصاج المعدني الذي نعرفه اليوم. ما بين القرنين 10 و13 شاع بين العرب اسم صاج الحديد بالمرآة الهندية بسبب استيراده من الهند ووصلت التسمية آنذاك إلى إبيريا.
يختلف الآثاريّون على عمر طريقة خبز الصاج، إذ تنتشر العديد من الأساطير حول الجندي الأوّل الذي شوى الخبز على درعه الحديدي، منها ما يفترض أنّه جندي عربي أو أفغاني أو إغريقي، في العهد الأخميني أو الهيليني أو الپارثي أو الساساني.
لكن، بكلّ حال، وسواء أكان هذا الخبز عربيّاً أو لا، هو ابن لخبز التنّور وشاع في أفغانستان وتركستان وپاكستان وإيران، ووصل مع السلاجقة إلى الأناضول. ومن الأكيد أنّه انتشر ومنذ القِدم بين أغلب بدو العرب، طالما خدم أهل البادية في الكثير من جيوش ممالك المنطقة. وهو أساسي في أطباق الثريد والمليحي والمسخّن. وهو كذلك مصدر الخبز المشروح والخبز الناعم الشائع في رمضان في سوريا وإيران وپاكستان وأفغانستان.
مبدأ خبز الصاج بسيط، عجين مرقوق جدّاً كالورق وبمقاسات كبيرة تغطّي مساحة الصاج المعدني. وفي فلسطين تطوّر شوي خبز الصاج عن الصاج المعدني إلى التنّور الطيني وفيها صار اسمه مرقوق. وتتغيّر وصفات خبز الصاج من منطقة إلى أخرى في سوريا. لكن، بشكل عام، يُصنع من طحين القمح الكامل المعجون بالماء الدافئ مع الملح. وعجين هذا الخبز لا يُخمّر. وتطوّر عن خبز الصاج مبدأ لفّات عرايس الصاج، الأكلة الشعبية التي نعتبرها بمثابة الپيتزا السوريّة. والتي تُصنع من عجينة الشراك شبه السائلة.
3-خبز ناعم:
هو خبز احتفالي حلو المذاق ويباع في شهر رمضان. وهو شائع في سوريا وفي شرق إيران وپاكستان وأفغانستان. عبارة عن عجين طحين القمح الأبيض. وتُرقّ (تبشكر) أقراص العجين في رقّة الورق ثم تجفّف بحرارة أشعّة الشمس، ثمّ تُقلى في الزيت العميق وتُخرج وتُرشّ فوراً بدبس العنب، الذي يتفاعل مع طبقة الزيت الحامي المختبئ في فقاعات الخبز ما يملأها ببلّورات صغيرة من گلوكوز سكّر العنب رائعة الطعم. ويُقال أن هذا الخبز من بقايا تراث اليهود المزراحيّين في دمشق.
4-خبز مشروح:
الخبز المشروح هو نسخة الفرن الحجري من خبز الصاج، أي أنّه ببساطة الخبز المرقوق دون تنّور ولا صاج معدني. ويتميّز عن خبز الصاج كذلك بالمكوّنات. يُصنع الخبز المشروح من طحين القمح الأبيض المنخول كثير الرماد، المعجون بالحليب مع الزبدة (أو زيت الزيتون). يُخمّر بمساعدة بادئة التخمير (خميرة) لمدّة نصف ساعة، وتُلغى فترة التخمير باستعمال مساعِدات الانتفاخ. وتُرقّ كرات العجين وتُشوى في فرن حجري أو مقلاة على حرارة خفيفة.
5-خبز طابون:
في سوريا اسمه الطابون أو الخبز الآلي بسبب اعتماد وصفته وصفة رئيسية للخبز المُباع من الأفران الآليّة منذ 1946، وتحوّل اسمه رسمياً سنة 1968 إلى “خبز عجين العائلات”. ووصفته واحدة من أقدم وصفات الخبز في العالم. وكلمة طابون اسم آخر لفرن التنّور. شاع في الإمبراطورية البيزنطية باسم پيتا العربي αραβική πίτα (أراڤكي پيتا) ومعناها عن الإغريقية “عجين مخمّر عربي”، وعنها شاعت تسمية پيتا للخبز العربي في العالم وتسمية بيده في الجمهورية التركية. لكن، في البلاد العربيّة بقي اسمه خبز فقط، أو عيش؛ نسبة إلى “عيشة” معبودة الديانة المصرية الأسوانية تحوير عن عِلِّيسَة، ومنذ وفاة الملكة الفنيقية عِلِّيسَة حوالي سنة 800 ق.م، التي تأثّر كلّ العرب بحكاية تضحيتها العظيمة واعتبروها قدّيسة شفيعة للعرب وصعدت إلى مكانة الآلهة.
هذه التفاصيل تعني أنّه الخبز الأكثر شيوعاً في أفران كلّ منطقة شرق المتوسّط طيلة 3000 سنة على الأقل. مع وجود أدلّة أثرية على قوننة صناعته في المملكة البابليّة. وخبز الطابون التقليدي هو الأب الروحي لوصفات المناقيش واللّحم بعجين الذي يشيع في أوروپا باسم الپيتزا التركية.
يُصنع فرن الطابون التقليدي من الطين الحر أي الصلصال حيث يحضّر الطين ويُعجن ويخمّر، ثمّ يُصنع من هذا الطين حلقات تبدأ بقطر حوالي 1 متر وبارتفاع حوالي 20 سم وسمك حوالي 3 سم وتتقلّص أقطار الحلقات لتشكيل حدبة الطابون، وتترك لتجف ثمّ يُبنى من هذه الحلقات قبّة يصل ارتفاعها حتّى 1,5 متر، وتترك لتجف تحت أشعّة الشمس.
ويستخدم في وقود الطابون أنواع مميزة من الخشب ونوى التمر، لمنح الخبز نكهات مميّزة. ويوضع داخله حجارة مكوّره ملساء يطلق عليها اسم الرضف.
يُصنع خبز الطابون في الأصل من طحين القمح غير المقشور، ثمّ تطوّر مع الزمن إلى طحين القمح المقشور وغير المنخول، المعجون بالماء مع الملح. ومخمّر بمساعدة بادئة التخمير (خميرة) لمدّة ثماني إلى عشر ساعات؛ أو 24 ساعة. وتُرقّ (تبشكر) أقراص العجين قبل الشوي. يشوى خبز الطابون لمدّة دقيقة واحدة على حرارة ما بين 400-480 درجة مئوية. ويُخبز لدقيقتين أو ثلاث في التنّور على حرارة ما بين 230-250 درجة.
6-خبز عربي:
في سوريا اسمه الخبر العربي أو البلدي، وفي باقي البلاد العربية اسمه الخبز السوري. وهو في الأصل نسخة المقلاة (القلّاية) من خبز الطابون ومن أكلات الشارع، ومصنوع خصّيصاً للمازات. نال تسمية الخبز العربي في الفترة العثمانية بسبب انتشاره شمالاً في الأناضول وأوروپا العثمانية انتقالاً من المناطق العربية. يُصنع من طحين القمح الطري الأبيض المنخول، المعجون بالماء مع الملح والسكّر. ومخمّر بمساعدة بادئة التخمير (خميرة) لمدّة قصيرة بين الساعة والساعتين. وتُرقّ (تبشكر) أقراص العجين قبل الشوي. وهو الخبز الأكثر شيوعاً في المطاعم السوريّة والفلسطينيّة في كلّ مكان.
7-خبز مرقّد:
في سوريا تشيع اليوم تسمية خبز مرقّد كتسمية لأي خبز رقيق، لكنّها في الأصل تسمية لنوع شهي جدّاً من أنواع الخبز السوري ويزيد سعر الرغيف منه عدّة أضعاف عن سعر رغيف الطابون الشائع. والخبز المرقّد السوري نال تسميته من طريقة ترقيد عجينته لوقت طويل، أي تركها تتخمّر لوقت طويل. وهذا الخبز ميراث الفترة الرومانية في سوريا، يسمّى ابن عمّه في جنوب إيطاليا خبز فوكاچيا Focaccia.
الفوكاچيا رغيف خبز مرقّد معمول من طحين القمح الكامل عالي البروتين المعجون مع الماء الدافئ وزيت الزيتون والملح والسكر، ومخمّر بمساعدة بادئة التخمير (خميرة) لمدّة طويلة تصل حتّى ستة أيّام. وتُرقّ (تبشكر) أقراص العجين قبل التخمير، ثمّ ترق لمّرة ثانية بالأصابع ويزيّن بالسمسم قبل الشوي. وتطوّر عنها في سوريا خبز الكماج (المنقوش – المبعبص) وسبب التسمية هو المرحلة الثانية من الرق بعد التخمير. ويُخبز الخبز المرقّد في الأفران الحجرية على حرارة 450 درجة مئوية ليخرج منفوشاً وطريّاً جدّاً، يشيع اليوم شقيقه في تركيا ويقدّم مع شوربة العدس حيث يسمّى خبز رمضان.
8-خبز كماج:
لخبز الكماج تسميات مختلفة بحسب المنطقة في سوريا، ومنها خبز حمصي ومنقّش ومنقوش ومبعبص وقزحة. وهو ذات الخبز المرقّد دون مرحلة الترقيد الطويلة. تخمّر عجينة خبز الكماج لساعة قبل البشكرة، ثمّ ساعة ثانية بعد البشكرة، ثمّ تُدهن بزيت الزيتون، ثمّ تشوى في فرن بحرارة 250 درجة مئوية لمدّة ثماني دقائق أو حتّى تتلوّن بلون مناسب.
9-خبز أسمر:
هو خبز الحبّة الكاملة ويشيع اسمه في سوريا بالخبز الأسمر، لأنّه يُصنع من الطحين الأسمر. وهو طحين القمح بكامل قشرته. ويُصنع على طريقة خبز الطابون الأصليّة من الطحين الأسمر، المعجون بالماء مع الملح. ومن المفروض أن يُخمّر بمساعدة بادئة التخمير (خميرة) لمدّة 24 ساعة لضرورة تخمير قشرة القمح قبل الخبز لكي تهضمها أجسامنا. لكن، تستخدم أغلب الأفران مساعِدات الانتفاخ الصنعية ولا تقوم بتخمير العجينة. وتُرقّ (تبشكر) أقراص العجين قبل الشوي. يشوى خبز الحبّة الكاملة لمدّة دقيقة واحدة على حرارة ما بين 400-480 درجة مئوية. ويُخبز لدقيقتين أو ثلاث في التنّور على حرارة ما بين 230-250 درجة.
10-خبز نخالة:
خبز النخالة هو نسخة عن خبز الحبّة الكاملة الأسمر، لكن باستبدال نصف كميّة الطحين الأسمر بالنخالة، والنخالة أو الردّة هي الطبقة الخارجية الصلبة من لبّ حبّة القمح. ويُصنع على طريقة خبز الطابون من خليط الطحين الأسمر والنخالة، المعجون بالماء مع الملح. ومن المفروض أن يُخمّر بمساعدة بادئة التخمير (خميرة) لمدّة 24 ساعة لضرورة تخمير النخالة قبل الخبز لكي تهضمها أجسامنا. لكن، تستخدم أغلب الأفران مساعِدات الانتفاخ الصنعية ولا تقوم بتخمير العجينة. وتُرقّ (تبشكر) أقراص العجين قبل الشوي. يشوى خبز النخالة لمدّة دقيقة واحدة على حرارة ما بين 400-480 درجة مئوية. أو يُخبز لدقيقتين أو ثلاث في التنّور على حرارة ما بين 230-250 درجة.
11-خبز عسكري:
شاعت تسمية الخبز العسكري في سوريا في فترة السبعينيات وبعد دخول معامل الدفاع في قطاع الأفران الآلية مع احتكار الحكومة السورية لصناعة وتجارة “خبز عجين العائلات” بنفاذ قانون تأميم سنة 1968. وتغيّرت وصفات الخبز العسكري مع الزمن لكنّه بالعموم نسخة رديئة عن خبز الطابون السوري. غير مخمّر وغير معجون كما يجب وغير مشوي بشكل كافي. يُصنع من طحين الشعير والقمح الأبيض غير المنخول المعجون بالماء والملح.
12-خبز سياحي:
شاعت تسمية الخبز السياحي في سوريا ابتداء من سنة 1991 بعد تخلّي الحكومة السورية عن احتكار صناعة وتجارة “خبز عجين العائلات” ببطلان قانون تأميم سنة 1968. وهو نسخة محدّثة عن خبز الطابون السوري. عُرف في بعض مناطق سوريا باسم الخبز اللّبناني ومعروف في أوروپا باسم الخبز السوري، وتصنعه الآلات بجميع مراحله.
تختلف وصفة الخبز السياحي ما بين صانع وآخر لكنه يُصنع بالعموم من طحين القمح الأبيض المنخول، المعجون بالماء مع الحليب والملح والسكّر. دون تخمير. ويشوى الخبز السياحي عادة لمدّة دقيقة واحدة على حرارة ما بين 430-480 درجة مئوية. ثمّ يبرّد لمدّة عشرين دقيقة.
13-خبز صمّون:
في سوريا اسمه الصمّون والأفرنجوني والإفرنجي والفينو، وهو ابن خبز الپاگِت الفرنسي وهذا مرجع تسميه بالإفرنجي. انتشر في سوريا في فترة السلطنة العثمانية إذ تعود بداية انتشاره في المشرق إلى انتشار المدارس العسكرية الفرنسية في السلطنة العثمانية خلال النصف الثاني من القرن 18. ثمّ تطوّر إلى الوصفة العثمانية التي تنتشر اليوم في سوريا.
ولخبز الصمّون في سوريا نسختين، وكليهنّ بذات الاسم لكن تنال واحدة منهنّ تسمية خبز السندويش بسبب قوامها الطري، ما يبقيها خيار بائعي السندويشات الأوّل، وهي النسخة الأحدث، بينما تحافظ النسخة الأقدم على قشرة قاسية نسبياً وقوام هش. والفرق بين الوصفتين هو اختلاف كميّات المقادير وطريقة الشوي في الفرن. كما أنّ البعض من السوريّين يضيفون البيض إلى مكوّنات العجينة.
يُصنع خبز الصمّون من طحين القمح الأبيض المنخول، المعجون لمدّة طويلة بالحليب مع الزبدة مع السكّر والملح. ومخمّر لمدّة ساعتين في مكان دافئ بمساعدة بادئة التخمير (خميرة). وتُدهن العجينة بعد تشكيلها بالحليب المحلّى قبل الشوي. يشوى خبز الصمّون لمدّة 15 دقيقة على حرارة 190 درجة مئوية. أمّا نسخة خبز السندويش فتتضمّن في عجينتها، إضافة للمكونات السابقة، قطر السكّر، وتشوى في فرن رطب على حرارة 200 درجة مئوية.
14-خبز بريوش:
في سوريا اسمه بَرْيُوش أو خبز إسپاني. ومصدر تسميته في الأصل من اللّغة الفرنسية بْرِيُش Brioche. ويُعتقد بأنّه وصل سوريا مع اللاجئين الغرناطيّين خلال القرن 16. وهو الأب الروحي للخبز المعروك السوري المسمّى بخبز رمضان.
يُصنع في سوريا من طحين القمح الطري الأبيض المنخول قليل الرماد، المعجون لفترة طويلة بالحليب الدافئ مع البيض والسكّر وزيت الزيتون (أو الزبدة). ومخمّر بمساعدة بادئة التخمير (خميرة) لمدّة قصيرة بين النصف ساعة والساعة. وتُرقّ كرات العجين ثمّ تُشكّل بزخارف مختلفة وتدهن بصفار البيض. وتشوى الكرات في الأصل مصفوفة داخل مقلاة (قلّاية). لكن، مع التشكيلات والتزيينات يخرج من المقلاة إلى الصينيّة. يُشوى في فرن رطب لمدّة عشر دقائق على حرارة 250 درجة مئوية.
15-خبز معروك:
في سوريا يسمّى إلى جانب المعروك باسم خبز رمضان، وهو خبز احتفالي حلو المذاق، وسليل وصفة خبز البريوش. نال تسمية معروك بسبب عرك عجينته مع حشوات مختلفة مثل التمر والزبيب وغيره من الفواكه المجفّفة. أمّا تسمية خبز رمضان فشاعت في الفترة العثمانيّة بسبب تكليف الدولة للأفران بصناعته وتوزيعه مجّاناً في فترة السحور.
يُصنع من طحين القمح الطري الأبيض المنخول قليل الرماد، المعجون بالحليب مع البيض والسكّر وزيت الزيتون (أو الزبدة)، وبهارات تختلف خلطتها من وصفة إلى أخرى؛ منها اليانسون والمحلب وجوزة الطيب والهيل والقرفة. يُخمّر بمساعدة بادئة التخمير (خميرة) لمدّة يومين أو ثلاث، لكن بمساعدة مساعِدات الانتفاخ أُلغيت مدّة التخمير. وتُرقّ كرات العجين ثمّ تُلف على الحشوة وتشكّل بزخارف مختلفة وتدهن بصفار البيض وتزيّن بحبّات السمسم أو حبّة البركة. يُشوى في فرن رطب لمدّة نصف ساعة على حرارة 200 درجة مئوية.
16-خبز المعرّة:
هو صنف سوريّ منقرض في سوريا ومستمرّ في الهند. وكان يُصنع من طحين العدس المعجون مع الماء. ويبدأ التحضير بطحن العدس الأحمر الجاف بالمدق، ثمّ نضيف ماء بحرارة الغرفة حتّى يسمك المزيج ويصبح كالحمّص المطحون. ثمّ نتركه ليرتاح مغطّاً لخمس دقايق. ثمّ يُشوى في مقلاة على حرارة وسط.
أترككم مع الصور:
يمكنك عزيزي الزائر وضع تعليقاتك واقتراحاتك معنا فتفضل مشكورا على المتابعة